الاثنين، 20 مايو 2013

حامل لواء الذات القائم بحق حمد الله المهدي 13


- 13 -

فقلنا أنّ الحديث الشريف السابق يشرحُ لنا حقيقة المهدي، وهي الأحمدية التي تشرّفت بها الأمّة المحمديّة.

فقال صلّى الله عليه وسلّم لن تهلك أمّة أنا أوّلها : فهو بابُ الأحمدية وباب التعرّف إلى الله تعالى، بنبيّ الهدى ورسول الله تجلّى الإسم الأعظم وانفتح باب الشهود وباب الخلافة وباب الفردانية وباب القرب.

والمهدي وسطها : أي الولاية والخلافة التي تشرّف بها أولياء الأمّة المحمدية، كلّهم نائبٌ عن المهدي وذلك في مقام التربية والإرشاد والدّلالة على الله تعالى. فما دلّوا على الله تعالى إلاّ لأنّهم دخلوا حضرة الله تعالى، وكانوا أهل الله وخاضّته : أهل القرآن ورثة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. قال الله تعالى {إنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} الفتح 10.

وعيسى بن مريم آخرها: عليه السلام لأنّه الذي يمثّل حضرة القدس نبوّةً، ويسمّى : روح الله وكلمته، لذلك نزوله يكونُ في آخر الزّمان في قطبية المهدي، لتعود المرتبة لصاحبها. من كون قوم المسيح النّصارى أشركوا بالله بسرّ روح القدس الذي ظهر به المسيح، وأيّده الله به. قال الله تعالى {وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ}

ومن هنا تفهمُ حقيقةً لماذا بشّر المسيح عليه السلام برسالة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم باسم أحمد.

فالمسيح عليه السلام بشّر بأحمدية النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأحمدية أمّته وذلك هو الفضلُ الأعظم الذي تشرّف به النبيّ صلّى الله عليه وسلّم هو الأحمدية وبه نالَ المقام المحمود، جوداً من الله عليه وفي الحديث :
عن أنس بن مالك : ((... فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَيَقُولُونَ : يَا مُحَمَّدُ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّنَا ، فَيَقُولُ : أَنَا لَهَا وَأَنَا صَاحِبُهَا ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَأَنْطَلِقُ حَتَّى أَسْتَفْتِحَ بَابَ الْجَنَّةِ ، فَيُفْتَحَ لِي فَأَدْخُلُ وَرَبِّي عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عَرْشِهِ ، فَأَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَأَحْمَدُهُ بِمَحَامِدَ لَمْ يَحْمَدْهُ بِهَا أَحَدٌ قَبْلِي ، وَحَسِبْتُهُ قَالَ : وَلا أَحَدٌ بَعْدِي ، قَالَ : فَيُقَالُ : يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ ، قُلْ نَسْمَعْ ، وَسَلْ تُعْطَهْ ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ ، فَأَقُولُ : يَا رَبُّ يَا رَبُّ ، ..))

فيُلهمُه الله تعالى يوم القيامة ويوم الشفاعة الحمد الأكبر، وذلك علامة المقام المحمود والأحمدية الكبرى بالله تعالى.

قلتُ فبشارة المسيح عليه السلام وقعت على معنى الحديث النبويّ "والمهدي في وسطها".

قال الله تعالى {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} الصف

لذلك ينزلُ روحُ الله في قطبية المهدي، لتقديس الأرض التقديس الذاتيّ. فيحصلُ زمنُ الوحدة الذاتية. وهي علامة وأيّ علامة وشهادة وأيّ شهادة من روح الله على قدس ذات المهدي عليه السلام. وعلى تجلّي الوحدة الذاتية والشهادة الكبرى بإمامة هذا الإمام العليا والختمية العليا.

فحقيقة المسيح عليه السلام كما قلنا هو روح القدس، وروح القدس حقيقته هو تقديس الأسماء والصّفات، وتجلّي الأسماء الذاتية، وهو ما عبرّنا عنه في السّلوك بالعروج الذاتيّ، فحين تنزّل الروح على القلب يحدثُ التقديس وشهود حضرة الذات.

فأحمدُ في مقام الإنسان الكامل والخلفاء من أفراد بني آدم هو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
وأحمدُ في مقام الأحمدية الذاتية والأحمدية بالأصالة هو المهدي الخليفة.
فالخليفة هو المظهر الذي يظهر به الحقّ بذاته. فهو أحمد بالأصالة، وما حمده الحامدون إلاّ به :

قال الشيخ الجيلي قدّس الله سرّه في كتاب الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل :

((.. فمتى ما ظهر الحقّ تعالى في مظهر بذاته كان ذلك المظهر هو خليفة الله في أرضه، وإليه الإشارة في قوله تعالى {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} يعني الصالحين للوراثة الإلهية..))

يتبع ...