الاثنين، 20 مايو 2013

حامل لواء الذات القائم بحق حمد الله المهدي 20

- 20 -

لذلك سمّي المهدي كذلك مهديّ العقل، ويُقصدُ بذلك مهدي العقل الأوّل، لذلك قال الشيخ الأكبر في كتابه الفصوص في نقلٍ سابق وضعناه ، أنّ الخاتم في تركيبه العنصري تكونُ مادة علمه من الله مباشرة لا من روح من الأرواح ومن روحه تكون مادة العلم للجميع بلا استثناء.

فهو مهدي العقل الأوّل، وهو الرّوح الاعظم بالميلاد وهو الوليّ بالأصالة فيجمعُ الأضداد في رحلته السلوكية وجذبه. ويصحُُ له أن يكونَ قطباً في جذبه ليسير بالأكوان من فسادها الذي بلغ مبلغه بإفساد الدجّال وهيمنة إبليس وشياطينه، يسير بالأكوان إلى صلاحها الأكبر لأنّهُ المالكُ لكلّ أقفالِ الأعيان والمشاهد والمناظر الكونية والخلقية، ولأنّه أصلُها فيعودُ بها من مقلوبها وتدجيلها وفسادها وانقطاعها عن حضرة القدس والذات، يعودُ بها إلى ذاتها وهويّتها وقدسيّتها وبالتّالي ينزلُ روح القدس في الأكوان فيقدّس العالم والأكوان، وليس ذلك لغيره مهما كان وليّ أو نبيّ، ولو اجتمع جميع أهل الله أنبياؤهم وأولياؤهم لما قدروا أن يحقّقوا هذه الصلة الذاتية، وذلك خاصّ بالخليفة صاحب العقل الأوّل، الذاتيّ الذي ترجعُ إليه الأعيان والممكنات. لذلك كان نزول المسيح عليه السلام الذي هو رمز روح القدس نبوّةً في قطبية المهدي شهادةً في عالم الحقائق على إمامة المهدي أنّه الإمام الأعظم والسيّد الصّمد والخاتم العليّ.

فافهم هذا الذي نقولُه من درر في توصيف المهدي عليه السلام وحقائقه، وأنّه صاحب الجسم الإسرائيلي المتفرّد، وقائم الأحدية الذي به يصلُ الأكوان بذاتها بعد انقطاعها بتدجيل دجّالها وإفساد إبليسها. والدجّال علمُه كما قال أهل العرفان لا يدخلُ في الألوهية أبداً، ولو كان علمُه متعلّقاً بالألوهية لما كان دجّالاً، ولكنّه منقطعٌ تماماً عن الألوهية وحضرة الواحدية، ومقام الجمع الذاتيّ، فافهم، لذلك خرجَ الدجّالُ فتنةً كبرى له صلة بالربّوبية من حيث التدجيل والخوارق والسحر والشيطنة والعلم الماديّ الكبير، ولذلك خرجَ الدجّالُ أعوراً، لأنّه يملكُ عين المادّة والحسّ والفرق والعلم الماديّ ولا يملك عين الرّوح وعين الجمع وعين التقديس. أعور عين اليُمنى من حيث هو، كما هم أهل الشمال والشقاء شماليون لذلك يتسلّمون كتابهم بالشمال، بخلاف أهل اليمين الذين ملكوا البصيرة الروحية وعين التوحيد. أمّا السّابقون فيقالُ للفرد منهم ذو العينين.

الدجّالُ وجودُه كما ذكرنا سابقاً من عالم الحقائق، لأنّ حضرة المجذوب تكشفُ عن هذه الحقيقة، أنّ المجذوب يسري في الحقائق ويعرجُ إلى السماء وقبل عروجه وبلوغه مقام الجمع، يخرجُ سامريّ نفسه وسامريّ طبائعه العنصرية والظلمانية فيفتن النّفس من جهة الحسّ، والمجذوب يجمعُ بين الضدّين في حضرة عروجه، يجمعُ بين عروجه العقليّ العلميّ في مشاهد الحقائق ورحلته السلوكية وإسرائه اللّيلي المتفرّد قبل كماله، وبين خروج دجّاله وسامريّه النّفسيّ، فيعكسُ الأضداد الجمال والجلال في أقصى حضراتهما، وهو أصلُهما ومن حضرته نبعت حضرة الجمال والجلال، فافهم. وهنا أسرارٌ وحقائق يكشِفُها المهدي المجذوب عن هذه الحضرات المختلفة التي تجلّت في الدّنيا.

والدّنيا منذ بعثة سيّدنا آدم عليه السلام إلى نهايتها هي صورة الخليفة، ويختصرُ مشاهد الدّنيا وترقّيها ونضجها وتفاعلها المجذوب في رحلته وسلوكه.

فليس الدجّال سوى السامريّ المذكور في القرآن الكريم الذي فتن بني إسرائيل ودعاهم لعبادة العجل، وقد ميّزه الله ببعض الآيات، فرأى جبريل عليه السلام حيث لا يراه الآخرون، فقبض قبضة من أثر فرس جبريل بعدما رآى أثار الفرس على الأرض من اخضرار الأرض، ونبذ القبضة على العجل الذي صنعه من حليّ الذهب فصار عجلاً حيّاً له خوار وقال لبني إسرائيل هذا ربّكم. والقصّة معروفة قد نعودُ لها وقد لا نعود. المهمّ أنّ السامريّ الذي هو الدجّال ظهرَ مع قومِ موسى عليه السلام، وببعثة سيّدنا موسى عليه السلام، لذلك تفهمُ لماذا أتباع الدجّال وأعوانه هم اليهود، أغلبهم وليس كلّهم، وكذلك يخرج في سبعين ألف من يهود أصفهان، واليوم دولة بني صهيون هي دولة دجالية وتأتمرُ بأوامره، وكذلك دولتها الممهّدة أمريكا الذي يحكمُها اللوبي الصهيوني.

فهنا حقائق فالدجّال قلنا تظهرُ حضرته بحضرة الربّوبية، والربّوبية كحقائق ورسالة ونبوّة في عالم الإنسان ظهرت ببعثة سيّدنا موسى عليه السلام. فالله سبحانه تجلّى على سيّدنا موسى باسم الربّ، فافهم. لذلك ظهر الدجال في هذا التوقيت. وسوف يستمرّ حتى آخر الزمان وظهور الخليفة ونزول المسيح روح الله عليه السلام فيقتله. فافهم.

وسوف نعودُ لمزيد من التفصيل هنا ان شاء الله ونربطُ ذلك برحلة المجذوب وإسرائه لتفهم ارتباط بعثات الأنبياء والرّسل بالخاتم وإسرائه في جذبه. فكلّ ذلك مرتبط بهذا المجذوب الخاتم.

يتبع ...