الخميس، 26 ديسمبر 2013

حامل لواء الذات القائم بحق حمد الله المهدي 59



سألني سائلٌ لم أفهم قولكم : حكم المهدي ذاتي أسمائي وحكم المسيح روح الله عليه السلام صفاتي. ولماذا لا يقتلُ المهدي الدجّال عليه خزي الله ولعنته.

فقلتُ أجيبُه هنا لتوضيح هذه المسألة توضيحا يدفعُ الإشكال ويفتحُ الأقفال.

إنّ المهدي هو الخليفة، ومقامه هو الذات الجامعة، هو الإنسانُ الكبير، هو الروح الأعظم، هو آدم الحقيقيّ وآدمُ الأوّل الذي خُلِقَ آدمُ على صورته.

هو النَّفسُ الأولى، قال الله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءًا وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]. الآية هنا معناها محمولٌ على آدم الذي خلق الله منه حواء وهي زوجه ثمّ بثّ منهما رجالا كثيرا ونساءا. ولكن للآية معنى إشاريّ بطونيّ علميّ آخر أشارَ إليه بعض العارفين بالله تعالى. ولأنّ للنّصوص المقدّسة وخصوصا كلام الله تعالى المعظّم، له ظاهر وباطن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنزل القرآن على سبعة أحرف، لكل آية منها ظهر وبطن؛ ولكلٍّ حد ومطلع» [التمهيد لابن عبد البر] . وقال ((ما نزلت عليّ آية إلا ولها ظهر وبطن، ولكل حرف حدّ، ولكل حدّ مطلع)) رواه الطحاوي والبغوي وأويعلى وابن حبان وأبو عبيد وقال ابن عبد البر في التمهيد صحيح.

فلكلّ آية من كلام الله تعالى ظهر وبطن وحدّ ومطّلع، وقد قال العارف بالله الجيلي قدس الله سره إنّ للنّصّ سبعة بطون، تماماً كما هو البطون له سبع طبقات. كما هي سبع سماوات. وهي كلّها تقابل الإنسان من حيثية ما، والله أعلم.
وعليه فنقول أنّ بعض العارفين بالله قالوا أنّ النّفس الأولى هي آدم الحقيقيّ (أي الخليفة) وهو الذي أسجد الله بسببه الملائكة لآدم، بسرّ الخليفة، فهي النّفس الأولى الكاملة العالمة، والإنسان الأوّل الذي خلق آدم على صورته، العبد الذي خصّه اللهُ بنزول الكتاب قبل نزول القرآن على الخلفاء من أفراد بني آدم. وقوله {خلق منها زوجها}، أي خلق منه مقام الفرق وهو آدم الثاني أبو البشريّة في مقام فرقه، ثمّ علّمه الأسماء وردّه إلى مقام الجمع وتحقّق بالصّورة وأسجد له الملائكة. والسّجود إنّما وقع بنفخة الروح فيه، فهي السرّ في الإنسان مطلق الإنسان، والإنسان مخلوق على الصورة بنفخة الروح فيه وما أودع الله فيه من أسرار البطون والظهور. وإنّما كان مقام الجمع هو الرّوح المحمدية الجامعة المسمّاة أحمد، روح سيّدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم ومقام الفرق هي مقامات الناس المختلفة في فرقهم قبل بلوغهم مقام الجمع والكمال. ومن النّاس اصطفى الله الخلفاء وجعلَ فيهم القابلية والإستعداد الذاتيّ لقبول هذا الكمال والرّجوع إلى مقام الجمع، فمنهم الأنبياء اصطفاءً وعصمةً، ومنهم الأولياء اصطفاءً وحفظاً، وخصوصا أولياء الأمّة المحمدية الذين خُصُّوا بالخصوصية الأحمدية بفضل خصوصية نبيّهم الخاتم سيّد ولد آدم سيّدنا محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

وعليه فالنّفس الأولى تحقيقاً هي العقل الأوّل أو القلم الأعلى أو الرّوح الأعظم الذي هو روح سيّدنا محمد صلى الله عليه وسلّم والذي هو عين الخليفة والختم.

هذا الإنسان الكبير والخليفة ما مثّل إلاّ إسم الله تعالى بسرّه، لأنّه عينُ الإسم الذي ظهرت به الكثرة. ولكنّ الكثرة في حضرة إسم الذات هي عين الوحدة والذات، إذ الكثرة لا تبرزُ إلاّ بحضرة الصفات والآثار والأكوان، والأسماء هي أسماءُ الله الحسنى فهي دالّة عليه وحده سبحانه لا شريك له، فلا تعدّد في الحقيقة، وإنّما التعدّد اعتباري، بدأ بدائرة الحدوث والأكوان.
ففي مقام الذات والإسم الأعظم الله ، تنمحي الأسماء ولا يبقى لها غيرية إلاّ باعتبار العلم المنطوي في إطلاقها وكنهها وغيبها المطلق. فمقام الذات هو مقام الأحدية ومقام العماء، وكنه الذات الجامعة لماهية الحقائق. عند ارتفاع الإضافات الثابتة والاعتبارات الحادثة لا يبقى إلاّ هو وحده لا شريك له في أحديّته وعمائه وكنه ذاته المتجرّد عن الإدراك، إذ الذات تجلّت منها سائر التجليّات والاعتبارات والإضافات والحوادث. فهذا هو سرّ المهدي، سِرّهُُ أحديٌّ، فهو المطهّر عن الأكوان كما وصفه بعض العارفين بالله، وهو كذلك فهو الحقيق بهذا الوصف بإطلاقه وسرّه الخالص، وبولايته الأصالية فيه. وهو العبدُ قبل نزول الكتاب، وهو الإمام المبين الذي أحصى الله فيه كلّ شيء. فلذلك كان خارج التصنيف والترتيب وكما قال الشيخ الأكبر قدّس سرّه "زال بختمه عن مرتبته". لأنَّهُ لا يُعبِّرُ إلاّ عن الأحدية، فإشهارُهُ وإشهارُ مرتبته ينقُضُ الحكمة التي قامت عليها الأكوان، والصورة التي اصطفى الله لها الإنسان.

أمّا النبيّ الأميّ صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه، فهو العبد الذي خصَّهُ اللهُ برتبة الكمال التامّ عند تجلّي الكثرة، فهو العبدُ الحجاب على الله تعالى، لمّا أرادَ الله تعالى أنْ يتنّفسَ من أحديّته وكنزيّته، كما نقولُ تنفَّس الصّبحُُ، واصطلاح التنفّس ذكره الشيخ الأكبر، وهو نفيس، لأنّ المصطلح ورد على لسان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بقوله : "إنّي لأجِدُ نفَس الرّحمن من قبل اليمن". فلمّا أراد الله تعالى أن يتنّفس من كنزيّته وعمائه ليوجدَ الخلق ويعرِفوه، أوجدَ نسبةً بينه وبين خلقه، هذه النّسبة هي إسمُ الرّحمن (هذا الوقوف هو نوع شرح وإلاّ فالأسماء والعلم قديم ولكنّ الحقائق العليا صفتُها أنّها اعتبارية حينما تنزلُ إلى عالم الحدوث فيعجزُ الحدوث أن يستوفي معانيها التي تعالت عن الزّمان والمكان والتبعيض، فافهم) فقلنا اسم الرحمن : إسمٌ جامعٌ للأسماء، به رحِمَ الله الأسماء من كنز العماء ومن أحديّة الذات، فظهرت آثارها في الأكوان، وصارَ إسمُ الرّحمن هو الإسم الذي به تنفّس اللهُ تعالى، فهو كالأمّ والرّحم لباقي الأسماء غير إسم الله تعالى، لأنّ إسم الله هو الإسم الأوّل الدّال على الذات الجامع المحيط، ((
ولاحظ في اسم الرحمن لفظة الرحم، وهو الرّحم : ن، كما في لفظة القرآن لفظة قرأ : ن)) وكان إسم الرّحمن هو الواسطة لإسم الله تعالى والحجاب دونه، به ظهرتِ الأكوان والحوادث والخلائق، وخصوصية إسم الرّحمن هو في كونه إسم ذاتيّ فهو المدخل على إسم الله تعالى وواسطة التعريف به، وصفاتيّ لأنّه نقطة بداية تجلّي حضرة الصّفات والأكوان ونقطة بداية الزمان والمكان، ونقطة القسمة والفيض على الحوادث. وهذا الذي نذكرُهُ هنا من أنفس العلم والتحرير إن شاء الله تعالى في حقيقة الخليفة الختم وحقيقة النبيّ الخاتم عليه الصلاة والسلام. ولذلك خصّ النبيّ الخاتم صلّى الله عليه وسلّم بنزول القرآن، الذي يعني التحقّق بالذاتية والسذاجة الذاتية لقراءة كتاب الوجود المتجلّي من الواحد الأحد المعبود. ولهذا قال أهلُ العلم بالله أنّ القرآن أحدية وذاتٌ محضٌ، لأنّك به تقرأُ كلّ ما يتجلّى الله به من عمائه، ويُصبحُ العبدُ بنزول القرآن عليه فرداً وليّاً، متحقّقاً بالولاية كاملةً، وراجعاً للنّفس الأولى. وكلّهم أي هؤلاء الأفراد المطّهرون القرآنيون ورثة للمطهّر القرآنيّ الأوّل الذي خصّه الله بالأصالة بهذه العبدية والواسطة والرّحمانية المبعوث رحمة للعالمين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فهو الكاملُ الأكملُ في الخلق والمكمِّلُ لهم تحقيقاً. فخُصَّ بالأصالة بكونه خليفة إسم الرّحمن الذي تنفّسَتْ به الذات بتجليّاتها. فهذا هو خليفة إسم الرحمن والنبيّ بالأصالة في أمّ الكتاب، وهذا هو معنى الإنباء والنبوّة، أنّ إسم الرّحمن اختصّ بإنباء حقائق التوحيد والواسطة إليها عند جميع الخلائق والحوادث التي رحمت به، في نقطة البداية إذ نقطة البداية كما سبق أن قلنا هي الرّحمة، فالرّحمة هي السابقة لكلّ شيءٍ. فالنبيّ هو خليفة إسم الرّحمن، والمهدي الوليّ خليفة إسم الله تعالى، صاحب السرّ المكتوم الوليّ بالأصالة.

فهذا هو مقام النّفس الأولى، فهو بالنّسبة للمخلوق رجوعٌ للإسم الواسطة الذي ظهرتْ به الكثرةُ (اسم الرحمن)، فهو إسم ذاتيّ له وجهٌ إلى الذات (إلى إسم الله تعالى). رجوعٌ إلى النّفس الأولى. وهو إسمٌ صفاتيّ من كونِ المخلوق حقيقتهُ صفاتية حتّى لو بلغَ مُنتهى الكمال والتطهير عن الأكوان وتحقّق بالصفّات الإلهية ورجع إلى البقاء بالله تعالى، فهو باقٍ بالله تعالى وهو مهما استغنى فغناهُ بالله تعالى، بخلاف صاحب النّفس الأولى والخليفة صاحب السرّ الأحديّ، فهو ذاتيّ بالأصالة، فرجُوعهُ إلى إسم الله بالذات والخلوص، بل ما خرجَ عنهُ أي ما خرج عن إسم الله أصلاً حتّى قبل كماله وتحقّقه بالصّفات الكمالية في عالم الصّفات، لأنّه وليٌّ بالأصالة وجامعٌ للأضداد، فمولدهُ بمكّة العماء وولايته أصلٌ. فهو الوليُّ صاحبُ المرتبة التي إليها يرجعُ الجميعُ أنبياءً وأولياءً، لذلك فهو الختمُ الخليفة. فلا يظهرُ إلاّ في آخر الزمان ليُعيد الأرضَ إلى قدسيّتها ويختمَ خزانة الوجود الإنسانيّ والجود الإلهيّ الذي كان قائماً به أصلاً. فهو الظاهرُ بالأعيانِ والممكنات والكائنات، هو عينُ الأوّل الآخر الباطن الظاهر.

فيتقلَّبُ في الأضداد، لأنّهُ يُمثِّلُ حضرة العماء، والكنه الجامع لماهية الحقائق، فهو يتلوَّنُ بتلك الحقائق، يراهُ الآخرون على الظاهر المتلوّن والمتقلّب ويحسبونه على شاكلتهم وشاكلة الآخرين، ولكنّه متفرِّدٌ في عمائه وغربته وأحديته وجذبه، يتقلَّبُ في الأضداد، ويرتقي علماً ونوراً وسلوكاً وإسراءً إلى الله تعالى
والمخلوقات لا يشعرون به، ولا يدرون عن سرّه، ولا يخطرُ ببالهم هذا العلم الغريب العالي العجيب، وهذه المرتبة لعنقاء مغرب الأسطورية في وجودها، موجودةٌ إسماً معدومةٌ عيناً، فلا يخطرُ ببالهم ذلك أبداً. فهذا علمٌ يعلمُه العارفون بالله تعالى، بقيَ مكتوماً عن غيرِ أهله لا يعلمه سوى الأمناء في الأزمنة السابقة. ولكنَّهُ في آخر الزمان يبدو بعضُهُ بحكم ظهور أو قرب ظهور صاحبه. وطبيعة آخر الزمان العلمية الإفشائية.

فكان تحقُّقُ المهدي في عمائه وجذبه، لامسَ عالم الأسماء فقط، بحكم أنّ إسم الذات (الله) متعلّق بالأسماء لا الصّفات في عالم العماء فالأسماء متضمّنة في الذات بُطوناً، إذ هي عينُها في ذلك المستوى كما سبق أن ذكرنا، ولامسَ تحقُّقُ المهدي عالمَ الأسماء كذلك بحكم أنّ الإسم له وجهين ، وجه للذات فهو الذات بذاتها وأحديّتها، ووجهٌ آخر للأكوان وآثاره فيها وهناك بهذا الوجه الثاني يتميّز الإسمُ بكونِه إسماً مختلفاً عن باقي الأسماء وله خصوصيته الخاصّة به.

فكان حكمُ المهديّ الخليفة عند بيعته يعكِسُ خلافة جذبه ورحلة إسرائه، ويعكِسُ مقامه ورتبته الذاتية المتعلّقة بالأسماء،  أي أنّ الحُكم العمائيّ الوِلائيّ "ذات أسماء"، كما كان يتقلَّبُ أثناء جذبه في الأسماء والأضداد. وكما هو الإسم الأعظم "الله" إسمٌ جامع للأسماء خارج الصّفات.  ولمّا كان المجذوبُ لا يكمُلُ ولا يدخلُ دائرة التقديس والصّمدية إلاّ بالتحامه بالرّوح، التي هي روحه، وهو روحُ القدُس هناك  يُقالُ لهُ
:   {ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ}. التكوير/20-21.
فقد صارَتِ خلافة المهديّ أوّلاً ذاتية عمائية وهو في جذبه وإسرائه وكانت هناك رحلة جهاده، وعدله الذي أعطى الحقائق الأسمائية حقّها بسذاجته الذاتية وتقلّبه فيها، إذ هو ذلك التقلُّبُ هو عينه الدّال على هذه الذات التي جمعت ماهية الحقائق والأضداد بالفعل والسجيّة والسذاجة ومن غير تكلّف أو قوّة في هذا العبد، خلاف غيره الذي ما ظهرتْ حقائقهم في الأرض والسماء إلاّ بالقوّة والتحقّق وتحقيق شرائط الولاية، وفي هذا العبد ظهر ذلك عليه بالفعل التلقائي وبالسذاجة فدلّ على مرتبته وحقيقته السّاذجة ولطيفته الذاتية التي قامت فيه. فكان الختم المعظّم والإمام المقدّم على الجماعة. فافهم هذا الكلام المحقّق النّفيس.

فقلنا كانت خلافته ذاتية أسمائية أعطت العدل التامّ الكامل، ثمّ لمّا نزل الرّوح على قلبه والتحمَ به، وهو عينُ الرّوح وإنّما لمّا خرج من التركيب العنصريّ وتأثير الكثافة البشريّة والطباع العنصرية فيه، صار إلى مقامه الأعلى، فتسوّدَ ذلك الهيكل الإنسانيّ على غيره ممن تقدّم أو تأخّر من أشكاله، لأنّه صاحبُ الرّوح بالأصالة والقائم بأمر الله، وأمرُ الله هو الرّوح الأعظم، فلمّا تحقّق الجسدُ، واستوى ماتَ دجَّالُ الكثافة البشرية الذي هو السّامريّ، وإنّما مات بخروج المهدي عن طبائعه العنصرية والتحامه بروحه، فانعكس ختامُ مسيرة المهدي بنزول النبيّ المؤيّد بروح القدس المسمّى روح الله المسيح ابن مريم عليهما السلام، فقتل المسيح ابن مريم الدجال، الدجال البشريّ، وإنّما قتله المهديّ بتحقّقه والتحامه بالرّوح، روح القدس بالأصالة قبل ذلك، فافهم. فتعلَّقَ حُكمُ المهديّ بالأسماء والرّوح، وختاماً نزل المسيح على الأرض، لأنّ تحقّق المهدي والتحامه بالرّوح في الحقيقة أعطى المرتبة لصاحبها، والإنسانُ أعلى درجةً ورتبة من الرّوح كما سبق أن ذكرنا، لأنّ الإنسان له الرّتبة الآخرية في الظهور والكثافة، فكانت له الرّتبة الأولية في السرّ، لذلك تفهمُ اختراق الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلّم سدرة المنتهى ووقف الروح الأمين هناك، لأنّ مقام العروج هو العروج لسرّ الرّوح، فكان الإنسانُ هو صاحبُ رتبة السرّ، له الأولية لأنّه له الآخرية، وتوسّط الرّوح والملائكة بين الأولية والآخرية، فافهم هذا الذي نقولُه.
 فلمّا نزل الرّوحُ على المهدي، الذي هو روحه بالأصالة، بَطُنَ المهديّ لأنّ له مرتبة البطون والإمامة العليا، وأخذ الإنسان الرّتبة والسيادة العليا، وعادتِ الأمورُ إلى نقطة بدايتها، أي انعكسَ ذلك في خلافة الظاهر لمّا نزل المسيح ابن مريم ، انعكس ببطون المهديّ وظهور المؤيّد بروح القدس نبوّة وصفاتٍ، فصارَ القائدُ للعرش هو المؤيّد بروح القدس النبيّ عيسى عليه السلام، وصار الإمامُ الأعلى الباطن هو صاحبُ العرش بذاته أي المهديّ، فافهم هذا التحقيق الخافي الصَّعبُ فهمه، الشاهد أنّ المهدي هو صاحب الرتبة الشريفة الأوّل بسرّه الآخر بظهوره وعرشه، ولذلك صلّى المسيح عليه السلام خلف المهديّ إعلاناً لهذه الحقيقة أنّ البطون والأوليّة والإمامة هي لصاحب الرّوح أصالةً، وأنّ روح الله عيسى عليه السلام هو المؤيّدُ بروح القدس صفاتٍ ونبوّة فقط. وهناك قتلَ روحُ الله الدجالَ الذي هو من عالم الصّفات. فهذه حقائق.

يتبع ..