الثلاثاء، 9 ديسمبر 2014

حامل لواء الذات القائم بحقّ حمد الله المهدي 68



 الخليفة 

إنّ مدارَ ولاية الخاتم المجذوب في آخر الزمان، تدورُ حولَ طبيعة الخلافة في هذه الدّنيا، فلمّا كان مشروع الخليفة أو كان هو الخليفة، فقد اختارته العناية لتجسيد حقيقة الصراع الدائر بين النّفس وهواها والروح وقدسيتها، والصراع بين المادة والكثافة وما له معنى الفناء والزوال وبين الروح واللّطافة وما له معنى للبقاء.

فلمّا خلق الله الخلْقَ من أجلِ أن يعرفُوه بالنّسبة المحمدية، وكان صلّى الله عليه وسلم هو الأنموذج الأمثل والكامل والمعنى الذي من أجله خلق الله الخلْق وظهر وتجلّى من عمائه سبحانه، فكان رسول الحقّ سبحانه وصاحب الإنباء والمسمّى الإنسان الكامل والأنموذج الحقّي الذي اقتفى أثره الخلْقُ.

فاحتاجَتِ الدّنيا في آخر زمانها أن يظهرَ الخليفة الذي به دارت الصراعات وتجلّت التجليّات والذي مثّل حقيقة التجلّي في جميع مظاهره ومختلف محاتده بين الأطراف المتناقضة، فظهرَ هذا المجذوبُ من نسل وذرية الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلّم وفي ذلك إشارةٌ لقول الله تعالى في محكم كتابه [إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ] [الأَحْزَاب:33]. أي أنّه يُمثِّلُ حقيقة التطهير المطلق، فكان العبد المطهّر عن الأكوان في حقيقته، وإن كانت الآية تنطبق على آل البيت في العموم، ولكن لها هذا الوجه المخصوص في الإشارة الى المطهّر عن الأكوان المهدي. فقلنا ظهر هذا المجذوب من آل البيت، إنساناً ليُجسّدََ حقيقة الخلافة في أنموذج صراعها الذي قامت عليه وصراع الأسماء في ظهور آثارها عليه، فهو السرّ الباطن الذي توجّه بتجليّات الأسماء والاتّصاف بها، فانعكستْ عليه آثارُها وهو بشَرٌ قبل خروجه من التركيب العنصريّ. ليحملَ على عاتقِه حقيقة ما تعرّض له بنو آدم جميعاً، وما عانوه من حقيقة التجلّي الإلهيّ والإنسانية في معناها الواسع والكبير الشامل بين الإنسانية في أوجها الإنساني حينما تؤيِّدُ بالرّوح الإنساني أو الروح الإلهي. لأنّهما في الأخير -أي المصطلحان: الروح الإلهيّ أو الروح الإنسانيّ- نفس المعنى ونفس الشيء من كون الإنسان هو الذي اصطفته العناية لهذا التجلّي الإلهي وهذه الخلافة الكبرى. فافهم. فقلنا بين الإنسانية في أوجها الروحي وبين الإنسانية في حضيضها البشريّ التّرابيّ، فأعطى هذا الخليفة المجذوب جميع الحقائق حقّها وتحمّلها في مسيرته، وعانى أوج الصّراع الدّائر بين المادة والنّفس المنجذبة للأرض والفناء والتلاشيّ وبين الرّوح المحلّقة في سماء التقديس، وبه أي بهذا المجذوب ظهرت الحضرات المختلفة للإنسان حضرة الإيمان والإسلام وحضرة التدجيل وحضرة البهيمية وحضرة الشيطنة ثمّ حضرة التقديس.

وليستِ تلك الصورة الدائرة للصّراع الأعظم الدّائر في زمانه سوى انعكاسٍ لما كان يمورُ في نفسه وشخصه، فأعطى صورة الإنسان وملاحمه الباطنية وانعكاسها على الأرض، ولكن أعطى ذلك بصورتها الكاملة والعليا بين الأوج والحضيض، لأنّه الخليفة وحقيقة جميع التجليّات ولأنّه سرّها وخزانة الجود والتجلّي، فكان لزاماً أن يظهرَ الصّراع محتدماً بذلك الشكل العظيم المهول الخارق. فهو زمانٌ استثنائيّ جدّاً بين فتنه الكبرى وشرّه العظيم وبين عطاء الله فيه ومضاعفة الأجر والفضل فيه للمحسن والثابت على الحقّ كما أخبرت بذلك النّصوص النبويّة الشريفة كون الفضل والأجر في عمل يمتدّ إلى خمسين من عمل الصحابة وإلى سبعين في رواية أخرى. وهو زمنٌ كذلك شملَ فترة العدل المطلق والعظيم والرّخاء الذي يحمله الخليفة عند بيعته ويقيمُ العدل في الأرض ويملأُ الأرضُ قسطا وعدلا بعدما كانت ملئت ظلما وجورا قبله.

فكان المهديّ بما يبدو ظاهراً من أفراد بني آدم، وهوكذلك في الاعتبار قبل خروجه من تركيب العنصر والمادة. ولكنّهُ في الباطن والحقيقة هو معنى خلق الله آدم على صورته، معنى الصورة حينما تتنَزَّلُ على الإنسان بذاتيتها، هو الرّوح الأعظم في مظهر الإنسانيّ فافهم، فهنا توصيفٌ يدقُّ ويجلُّ عن الفهم إذا لم يقف عليه الواقف وقفته المرادة.

فالمهديّ حتّى وهو في جذبه وتحت تأثير التركيب العنصريّ، فهو صاحب السرّ الأوّل الذاتيّ، لذلك تنعكِسُ عليه آثارُ الصورة الإلهية وآثارُ الإسم الأعظم، بتجلّي الأسماء وآثارها عليه، فهو حين جذبه مجذوبٌ من العناية كامل الجذب، ليس له اختيارٌ ولا إرادة نفسية، فأعطى التجلّي عليه الخلافة الظاهرة الرّاشدة العادلة، بقيادة الخليفة والإمام الأعلى المهدي عند بيعته وهو الرّوح الأعظم فافهم، كأنّ إمامة المهدي والخليفة في مظهره الكامل بعد البيعة والظهور هو صورة قلب المهدي المجذوب، الذي قادَ الصّراع في عرشه وهو مجذوب، وأعطى عدل الخلْق والتجليّات حقّها بالعدل والقسطاس المستقيم. خلافة عادلة منتهى العدل والخلافة الراشدة على منهاج النبوّة بما لم يدع أيّ صورة نقصٍ في أصول هذه الخلافة واركان الإمامة العليا. حتّى فتح الأمصار وفتح روما. وهي كنيسة القلب. ثمّ خروج الدجّال، وذلك صورة من صور الصّراع النّفسي عند السالك، بعد فتح دائرة القلب وكنيسة النّفس، فإنّ حقائق السّلوك تتغيّر من أرضية ظاهرية، إلى سماوية. ولأنّ المجذوب سلوكه وسيره بدأ من دائرة التركيب العنصريّ، ولأنّ جميع السلوك قام على وجود النّفس، وجميع الشرائع جاءت من أجل النّفس. جاءت لتُخرجَ الإنسان من حُكمِ نفسِه إلى دائرة قدسه، وهذا هو حقيقة التديّن. والذي أغفله التديّن المعاصر وغفل عن الحقيقة مطلقاً، في جهلٍ وتسطيح عظيمٍ عن الحقائق، وعن سرّ وجود الشرائع النبوية والرسالات السماوية. فظهر لدينا تديّن معكوس يدينُ بالمظاهر والطّقوس ومفرغ من روحه وحقيقته، والتي هي أي حقيقة التديّن هي الخروج من قيد واسر النّفس الترابية والهوى الشيطانيّ، ومخالفة الهوى والقرين بالانكسار لله سبحانه والاضطرار وتحقيق معنى وسرّ العبودية، والمظاهر قد تقومُ ولكنّها في كثيرٍ من الأحيان قد لا تقيمُ معنى العبودية المراد والخضوع الحقيقيّ لله سبحانه، الخضوع القلبيّ، وعزل النّفس الأمّارة بالسّوء.

فقلنا أنّ المجذوب، حينما وقع عليه التجلّي الأسمائيّ في جذبه، أعطى في البداية صورة الانقياد الأوّليّ وطاعة الجوارح فعدلَ وقامَ بحقّها، ثمّ عند ترقّيه بفتح دائرة القلب، فهو ما زال تحت تأثير النّفس والتركيب العنصريّ، فشاركه إذ ذاك في العروج السّماويّ وجودُ النّفس. فتأخّرََ القلبُ عن قيادِ عرشِهِ، لئلاّ تشاركَهُ النَّفسُ في قيادها وهي موجودة. فخرج حينها دجّاله، وهو النّفس الدجّالة تسعى في الأرض فساداً، وكان انعكاسها هو خروج الدجال في مرحلة حكم الخليفة العادل، لأنّ المرحلة هنا هي مرحلة عروج سماويّ بعد فتح دائرة القلب. وكان آخر معاقل الأرض والجوارح هي روما. وكونُ تجسّدتْ النَّفسُ دجّالاً يخرجُ ويفسد في الأرض ويزعُمُ الرّبوبية، ذلك أنّ الإسراء والعروج السّماوي في حقائق النّفس يأخذ منحًى أكبر، واتّساعاً في العقل والكشف.

وهذا يُعطينا صورة الإنسان، أيّ إنسان، أنَّهُ بين تأثيرين، تأثير روحه والذي يقوده نحو الرّوح والقيم السماوية والنّور والى حقيقة وجوده الأصليّ، وهو وجود الواحد الأحد لله سبحانه وتعالى، ومن جهة أخرى تحت تأثير العقل الترابيّ والنّفس. فعليك أن تفهمَ أنّ القرين ليس سوى هو أنت، نعم أنتَ في دائرة نفسك وتحت عقلك الترابيّ. لأنّك بين وعيين، الوعي الأصليّ والرّوح والضمير والوازع الديني فيك والفطرة، وعقلك المحكوم بالقلب والروح. ومن جهة أخرى وعي آخر ثانٍ نسمّيه العقل الترابيّ أو هو النّفس، نفسُك الأمّارة بالسوء. أو يُمكنُ القولُ هو أناكَ النّفسية المتشّبّتة بوجودها ووهمها الوجوديّ.

العقل الترابيّ هو العقل الذي يديرُ مصالح النّفس المجرّدة عن قيمها، يلتفتُ للمحسوس والماديّ والعاجل فقط، للهوى .. هو عقلٌ له إيجابياته لأنّه عقلٌ، يدير المعاش البشريّ، ولكنّ خطرُهُ أنّه يحكمُ بما هو محسوس وماديّ ووهمٌ وينقادُ للأنا النفسية والترابية، فسُميّ العقل الترابيّ، فهذه محاولة تحرير لهذا الاصطلاح. ولكنّنا نريدُ أن نوضّح لك معنى القرين، فهو ليس سوى نفسك، وليس سوى أنت تحت عقلك الترابيّ ووهمك الوجوديّ أو وجودك الوهميّ. لذلك كان القرينُ هو وجودك النّفسيّ والوهميّ الذي يمنعُك أن تتحرّرَ منه، لأنّه مرتبطُ بالمادة والتراب والمحسوس والظاهر، بل العاجل. وهو يُضاد حكم الرّوح وحكم القلب، والله تعالى لمّا وصف الكفّار قال في محكم كتابه :
{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآن أَمْ عَلَى قُلُوب أَقْفَالهَا}. فنسب الأقفال وحقيقة التدبّر للقلب وليس للعقل. لأنّ القلب هو الحاكم والآمر، ولأنّ القلب هو الذي له نافذة إلى الرّوح وعالم الملكوت. فهو البرزخ بين عالم الملك والشهادة وبين عالم الملكوت والغيب. فوصف الله هؤلاء الذين لا يتدبّرون القرآن أنّهم على قلوبهم أقفالها، فهم لا يلتفتون إلى النافذة الملكوتية، حيث تطلُّ الرّوحُ عليهم بأنوارها وأمدادها. وحيث يتنزَّلُ عليهم نداءُ الفطرة المودعة فيهم، وحيث يدعوهم العقلُ الثابتُ للإيمان بوجود الواحد الأحد سبحانه الذي منه صدَرَ كلّ شيءٍ وكلّ موجودٍ. فكأنّهم أقفلوا قلوبهم، أو أقفلت نفوسهم قلوبهم. فعجزت العقول أن تتدبّرَ، فصارت عقولهم ترابية محضة، لا تستمع لحقائق الفطرة والروح، وتتمسَّكُ بالوهم. فيخدعُها وهمُ وجودها وتُنكرُ الحقيقة المطلقة.

ومن أجل ذلك قال سيّد الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليه
((أَلا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ, وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ, أَلا وَهِيَ الْقَلْبُ)). [أخرجه البخاري في الصحيح]. فمدارُ الصّلاح على القلبِ فتأمّل. لأنّ العقلَ وظيفتُه التحليل والتفكيك، ولكنّه يشتغلُ في الدوائر التي يفتحها له القلب، ويأمرُهُ أن يعمل فيها. فإذا كان القلبُ مقفلاَ غير صالحٍ، فإنّه حينها لا يشتغلُ العقلُ إلاّ في الدوائر الترابية والمادية والوهمية المتجلّية التي يوجّهها إليه القلبُ، بل يصبحُ القلبُ حينئذٍ في دائرة الحجرِ والإقفال. لأنّ العقل الترابيّ الذي يحكمُه الوهمُ يستلِمُ الحكم، ويتواطَأ مع النّفس فإذا بالغ العبدُ واستمرّ تحت دائرة الإقفال وإنكار الفطرة والرّوح. والسّعي إلى النّقيض المقابل للحقيقة ومصدر الخير والفطرة في أفعاله وأعماله وسيرته فذلك يقودُهُ في الأخير لموتِ قلبه أو إقفال قلبه بصفة نهائية، نسألُ الله العفو والعافية والسلامة.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ)). متفق عليه.



فيتجسَّدُ هذا الصّرَاعُ العظيم بين الوهم والحقيقة، بين العقل التّرابيّ الموهوم وبين القلب والرّوح في الإنسان، ويتجلّى في عرش الخليفة، وفي نفس المجذوب، ولمّا كانَ قد وقع له فتح دائرة القلبِ هذا المجذوب التي تناظرُها في الأرض فتح روما أو القسطنطينية الكبرى، فإنّ النّفس قلنا تأخذ في سلوكها وعقلها ووعيها منحًى أكبر للحقائق والاتّساع الباطنيّ، فيتجلّى ذلك قوّةً مقابلةً في العقل التّرابيّ وتدبيره وقوّة الأوهام، مع زيادةً في تحرير الحقائق والمعارف عند المجذوب، فيحصُلُ عند ذاك فترة الدجّال، وهي النّفس التي تستلِمُ الجوارح والأرض، لأنّ قلبَ المجذوب قلبٌ أمينٌ لا يسلكُ إلاّ بالله تعالى في صدقٍ متفرِّدٍ من غيرِ مزاحمة للنّفس في مسعاه وسلوكه، فيحصلُ أنّ المجذوب يبقى تحت صراع العقل التّرابيّ من جهة وأوهامه القائدة للنّفس، وتحت حكمِ قلبِه الصّادق وعقله المتين في تحرير الحقائق وإدراكها. وليس هو أي المجذوب سوى رمز وحقيقة القلب الصادق الأمين، وسرّه المكنون المطهّر عن الأكوان، فيُعطي بمسيرته جميع الحضرات البشرية الإنسانية، فكان أسمُه الخليفة هو الدَّالُ على سرّه، أنّه هو الخليفة الذي به ظهرت جميع الحضرات والمحاتد، حتّى ينتهي في الأخير للعروج الأكبر، بين قوّة عقلية ترابية كبرى ونفس دجّالة، وقوّة عقلية روحية تخترقُ الحقائق إلى مثواها الأخير. وهناك يتجلّى عليه الروح القدسيّ، أي في عرشه، وهو نزول روحُ الله المسيح بن مريم في الأرض ليقتل الدجّال عند باب لدّ. وهو في السيرة الذاتية للمجذوب لقاؤه بالرّوح وعروس الحضرة. وتأييده بروح القدس أخيراً. والدجَّالُ يتجسَّدُ ظهورُه وقوّته وهيمنته في زمن الخليفة لأنّه يُمثلُ العقل التّرابيّ في الإنسان، وهو يمثل الحدّ الأعلى المتطرّف للعقل التّرابي والوهم ولا يكونُ ذلك إلاّ في حكم وقطبية المجذوب الخليفة الإنسان الذي أعطى الوجود جميعه، فافهم. ويكونُ لهذا العقل التّرابيّ ظهوراً لأنّه وقع في عرش المجذوب وجسده الترابيّ، فالمادّة والظهور كان بسببِ ذلك، ولذلك فإنّ أخطرَ زمان وأقواهُ هو فترة ما قبل ظهور المهدي الخليفة العادل، في الفساد الذي يغزو الأرض وهمينة قوى الشرّ وتحالف البغي واليهود والصّليب الحاقد والكفر المتمرّد، يقودُهم الدجَّالُ ومن خلفه إبليس وشياطينه. ثمّ يتجسَّدُ هذا الظهور صريحاً بعد حكم الخليفة العادل وفتح روما كما شرحنا انعكاساً لسيرة المجذوب، أربعين يوماً كما جاء في الحديث الشريف الصّحيح. ثمّ ينزلُ المسيح روح الله ليقدّس الأرض ويقتل الدجّال. لأنّه هو مقلوب الدجّال ومعكوسه، من كونِ الدجّال كما قلنا يُمثّل حضرة الوهم والعقل التّرابيّ فروح القُدس تمثّل إبطالَ هذا الوهم وإرجاع الأمر لله سبحانه وتعالى، ولهذا فإنّ الدجّال يذوبُ بمجرّد اقتراب المسيح روح الله منه، كما يذوبُ الوهمُ عند ظهور الحقيقة، وكما يختفي الظلام عند ظهور النّور، ولكنّ المسيح عيسى عليه السلام يقتله بحربةٍ عند باب لدّ ليطمئنَ النّاس بمشهد قتله ويزيلَ عنهم روع ما فعله هذا الدجّال من إفسادٍ في الأرض طوال تلك القرون الغابرة.



يتبع ...