الاثنين، 3 يونيو 2013

حامل لواء الذات القائم بحق حمد الله المهدي 28

- 28-

وهنا تعلمُ أنّ إبليس اقترنَ ذكرهُ بالخليفة، وإبليس بدأت عداوته من إنباء الله سبحانه وتعالى للملائكة باستخلاف هذا الخليفة في الأرض.
وكانت الحرب الكبرى وغايتها وضراوتها بقضّها وقضيضها التي أعدّ لها إبليس هي من أجل هذا الخليفة، والدجّال هو صورة إبليس البشرية متجسّدة في السّامري اليهودي.

فالسامريّ انخدعَ بإبليس وكيده، والسامريّ انخدع بما وهبه الله من علم وخوارق وانسلخ من آيات الله ومواهبه فغوى
{واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ( 175 ) ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون ( 176 ) ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون ( 177 ) } الأعراف.

انخدع بما وهبه الله وذلك أوّل ما قبض قبضة من أثر جبريل عليه السلام ونبذها وفتن بها قومه ليعبدوا العجل.

فاجتمع إبليس والدجّال السّامري اليهودي بغرورهما وكبرهما وضلالهما وجهلهما أن يحاربا الخليفة، ومحاربة الخليفة هي محاربة بني آدم الإنسان، والإعداد للمعركة الكبرى.

ومعركة إبليس والدجال الكبرى التي يعدّون لها منذ قرون هي مع الخليفة بذاته المهدي عليه السلام.

مع المهدي المجذوب، والمهدي الإمام الكامل في آخر المحاولات.

فإبليس استاذ المكر والخديعة واستاذ الإغواء والتلبيس النّفسي والشيطانيّ، حربه الكبرى ومعركته الفاصلة مع المجذوب.
لأنّه يعلمُ أنّ الخليفة قبل أن يحمل لواء الإمامة والخلافة الكاملة سيكونُ عليه أن يسلك طريق الوصول. وهناك في تلك الطّريق قامت حربٌ لا كالحروب بين إبليس وجنده ومكره وبين المهدي المجذوب. حربٌ شاملة على جميع مستويات النّفس ومداخلها وعلى جميع المستويات والممكنة. لأنّ إبليس يعلمُ يقيناً ومعه تبيعه الدجال أنّ معركتهما الفاصلة والحقيقية مع الخليفة المهدي وأنّه هو الذي يحولُ بينهم وبين اعتلاء أوهامهما التي حلما بها، وإبليس يعلمُ أن منهزمٌ على وجه اليقين، ويعلمُ أنّها أوهامٌ ولكنّه يخادعُ على سبيل الحقد كما سأل الله ابتداءً أن ينظره إلى يوم الوقتِ المعلوم. وطمعاً أن يظفرَ بشيءٍ من هذا المجذوب، الذي جعله الله صورةً للأضداد، فأغرى عدوّه أن يستسهله ويبذلُ غاية وسعه أن يصل الى ما يصلَ إليه، وتلك إرادة الله سبحانه في تدوير هذا الصّراع بين الحقّ والباطل والخير والشرّ في أكبر دوائره ، وأعظمها على الإطلاق.

ويخسرُ إبليس في هذه الحرب الفاصلة في جميع مستوياتها، وفي جميع المداخل الممكنة ويرجعُ خائباً خيبةُ كبرى.

بل أكثر من ذلك، فليلة صلاح المهديّ هي ليلة هلاك وموت إبليس. ولو عدنا لآيات إنظار إبليس لوجدنا الإنظار إلى يوم الوقت المعلوم بأمر من الله، بينما إبليس طلب الإنظار إلى يوم الدّين.

لأنّ المهدي هو الخليفة وهو علامة الساعة، وكماله وظهوره كإمام وبيعته بين الركن والمقام هو ختام الأطوار الإنسانية المتقلّبة، وختام الكمال الإنسانيّ وختام خزانة الجود الإلهي، فصورة الدّنيا كما قلنا هي صورة هذا المجذوب الختم، والإفساد الأكبر لإبليس يبدأ من بدايته بسيدنا آدم عليه السلام وينتهي بظهور هذا الخليفة.

وورود حديث صحيح أن الشيطان يغوي الناس ويأمرهم بعبادة الأصنام بعد هبوب الريح الليّنة وقبض الأرواح المؤمنة، فالحديث ورد فيه ذكر الشيطان وليس ذكر إبليس. لأنّ الإنسان مطلق الإنسان لا يخلو من قرين ما دام لم يكمل الكمال الأكبر ويحصّل مقام الخلافة والإنسانية.
وإبليس هو قرين الخليفة، وبتعبير أصحّ هو قرين المجذوب، ونريدُ هنا هو قرينُ الإنسانية من بدايتها إلى وقتِ ظهور الختم والخليفة الإنسانيّ، لأنّ إبليس هو صورة الطبائع العنصرية والظلمانية والكثافة المقابلة للنور والروحانية والملائكية، صورتها الكبرى والأخطر في جميع التقلّبات الإنسانية والأطوار حتى بعثة الخليفة إمام الأئمّة وحقيقة جميع الأطوار والأدوار الإنسانية كما ذكرنا. والله أعلم.

فافهم فالخلافة الظاهرة للمهدي الخاتم هي صورة الخلافة الباطنية للمجذوب، فالدجّال خرجَ في الخلافة الباطنية النّفسية للمهدي، وقتل الدجّال من طرف روح القدس المسيح عليه السلام عند نزوله هي صورة قتل إبليس قرين الخليفة المجذوب في الباطن.

لأنّ الكامل كلّ كامل لا يكملُ حتى تقومُ ساعته ويشهد القيامة ويموتُ قرينه وإبليسه (شيطانه الخاصّ به)، ولمّا كان الخليفة هو عين الوجود فقد كانَ قرينُه هو إبليس رئيس الشياطين وعدوّه، فيموتُ إبليس بكمال وصلاح المهدي عليه السلام ونزول روح القدس عليه، لأنّ الكمال هو تقديس النّفس. ويُقابلُه موت دجّال البشريّة بنزول روح الله رمز روح القدس المسيح عليه السلام.

فافهم لماذا اختصّ المهدي من دونِ غيره بنزول المسيح روح الله عليه، لأنّ المهدي هو الخليفة الذاتيّ، وهو الوحيد القادر على إعادة الأرض إلى نقائها وصفائها وطهارتها من شرّها وتدجيل دجّالها وإفساد إبليسها، وهي شهادةٌ أنّه الذاتيّ الذي تتغيّرُ به الأرض والكون جميعاً إلى خلافة سمحة طاهرة يحكمها روح الله عليه السلام.

ثمّ تأمّل في إسم المسيح : روح الله، وينزلُ روح الله في قطبية وعرش المهدي، فإنّنا نقولُ نزلت روح فلان على فلان فسمّي فلان.
ونزلَ روحُ الله على المهدي فسمّي خليفة الله، أي صاحب اسم الذات، فافهم لما أشرنا إليه.

فليس المهدي سوى الحقّ تعالى ظاهراً بمظهر إنسانيّ بذاته. فهو إمام الإئمة وهو خاتم الولاية، وخاتمها يعني أنّه هو الوليّ.

قال سبحانه {فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي المَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الشورى 9]

يتبع ..